فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال عبد الفتاح القاضي:

سورة الإخلاص:
{كفوا} قرأ حفص بإبدال الهمزة واوا وصلا ووقفا وغيره بالهمز وقرأ خلف ويعقوب وحمزة بإسكان الفاء وغيرهم بضمها ولحمزة فيه وقفا وجهان الأول نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة الثاني إبدال الهمزة واوا على الرسم ولا يخفى أن التنوين يبدل ألفا عند الوقف لجميع القراء. اهـ.

.فصل في حجة القراءات: في السورة الكريمة:

.قال ابن خالويه:

ومن سورة الإخلاص:
معنى قوله في أول هذه السورة قل وما شاكلها ان الله تعالى انزل القرآن الكريم على نبيه بلسان جبريل عليهما السلام فحكى لفظه فقال ان جبريل قال لي {قل هو الله أحد}
قوله تعالى: {كفوا أحد} يقرأ بضم الكاف والفاء والهمز وطرحه وبضم الكاف واسكان الفاء والهمز وقد ذكرت علله في البقرة ذكرا يغني عن اعادته ها هنا. اهـ.

.قال ابن زنجلة:

112- سورة الإخلاص:
{ولم يكن له كفوا أحد} 4
قرأ حمزة وإسماعيل {كفئا} ساكنة الفاء وقرأ الباقون بضم الفاء وهما لغتان مثل رسل ورسل وكتب وكتب.
وقرأ حفص {كفوا} مضمومة الفاء مفتوحة الواو غير مهموزة أبدل من الهمزة واوا والعرب تقول ليس لفلان كفو ولا مثل ولا نظير والله جل وعز لا نظير له ولا مثل. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الإخلاص:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الإخلاص: الآيات 1- 4]

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد (4)}

.الإعراب:

{اللّه} لفظ الجلالة مبتدأ ثان، {أحد} خبر للمبتدأ {اللّه}، {له} متعلّق بخبر {يكن}: {كفوا}.
جملة: {قل...} لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: {هو اللّه أحد...} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {اللّه أحد...} في محلّ رفع خبر المبتدأ هو.
وجملة: {اللّه الصمد...} في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ هو.
وجملة: {لم يلد...} في محلّ رفع خبر ثالث للمبتدأ هو.
وجملة: {لم يولد...} في محلّ رفع معطوفة على جملة {لم يلد}.
وجملة: {لم يكن له كفوا أحد} في محلّ رفع معطوفة على جملة {لم يلد}

.الصرف:

{الصمد}، صفة مشبّهة وزنه فعل بفتحتين بمعنى مفعول أي المقصود في الحوائج.
{كفوا}، اسم بمعنى المماثل، وزنه فعل بضمّتين، والواو مخفّفة من الهمزة.

.البلاغة:

1- الإيجاز: في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ أحد اللَّهُ الصَّمَدُ}:
اشتملت هذه الآية على اسمين من أسماء اللّه تعالى، يتضمنان جميع أوصاف الكمال، وهما الأحد والصمد، لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة، الموصوفة بجميع أوصاف الكمال. وبيان ذلك، أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال، لأنه انتهى إليه سؤدده، فكان مرجع الطلب منه وإليه. ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع صفات الكمال، وذلك لا يصلح إلا للّه تعالى.
2- التقديم: في قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد}.
حيث قدّم الظرف، والكلام العربي الفصيح أن يؤخر ولا يقدم. فما باله مقدّما في أفصح الكلام وأعربه والسبب في ذلك أن الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه، وأحقه بالتقدم وأحراه.

.الفوائد:

فضل سورة الإخلاص:
عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: {قل هو الله أحد} فلما أصبح، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، وكان الرجل يتقالها، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن» وفي رواية قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة»، فشق ذلك عليهم فقالوا: أيّنا يطيق ذلك؟ فقال: «{قل هو الله أحد} ثلث القرآن». عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللّه جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قل هو الله أحد} جزءا من القرآن». اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(112) سورة الإخلاص مكيّة وآياتها أربع.
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة الإخلاص: الآيات 1- 4]

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد (4)}

.اللغة:

{أحد} تقدم القول فيه ونضيف إليه ما أورده ابن خالويه وهو كلام لطيف قال: والأصل في أحد وحد أي وأحد فانقلبت الواو ألفا وليس في كلام العرب واو قلبت همزة وهي مفتوحة إلا حرفان أحد وقولهم امرأة أناة أي رزان لأن الواو إنما تستثقل عليها الكسرة والضمة فأما الفتحة فلا تستثقل وهذان الحرفان شاذا ن وزاد ابن دريد ثالثا: إن المال إذا زكّي ذهبت أبلته أي وبلته. قلت: قال أبو عبيدة أراد وبلته أي فساده وثقله من قولهم كلأ وبيل أي لا يمرئ الراعية ثم قال: وزاد محمد بن القاسم رابعا: وأحد آلاء اللّه ألى والأصل ولى من أولاه اللّه معروفا فإن جمعت بين واوين قلبتها همزة وإن كان مفتوحة مثل قولك في فوعل من وعد أوعد وكان الأصل ووعد فقلبوا الأولى همزة كراهية لاجتماع واوين.
{الصَّمَدُ} المقصود في الحوائج فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض وقيل الصمد هو الذي لا جوف له وفي القاموس: والصمد بالتحريك السيد لأنه يقصد والدائم وعبارة ابن خالويه واختلف الناس في تفسير الصمد فأجود ما قيل في الصمد: السيد الذي قد انتهى سؤدده ويصمد إليه الناس في حوائجهم فهو قصد الناس والخلائق مفتقرون إلى رحمته وأنشد:
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصّمد

وقال آخرون: الصمد الذي لا يطعم والصمد الذي لا يخرج منه شيء:
من كان ذا خوف يخاف من الردى ** فإن خوفي صمد مصمت

والصمد الباقي بعد فناء خلقه. وفي البخاري: باب قوله: {اللّه الصمد} والعرب تسمّي أشرافها الصمد قال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده. وفي العيني: أشار بهذا إلى أن المعنى الصمد عند العرب الشرف ولهذا يسمّون رؤساءهم الأشراف بالصمد، وعن ابن عباس: هو السيد الذي قد تكمل بأنواع الشرف والسؤدد وقيل هو السيد المقصود في الحوائج.
{كُفُوًا} وكفيئا على وزن فعيل وكفاء بالكسر على وزن فعال بمعنى وأحد والكفء المثل والنظير وقال أبو حيان: بضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء وبضم الكاف مع ضم الفاء وقرأ حمزة وحفص بضم الكاف وهمز حمزة وأبدلها حفص واوا وباقي السبعة بضمها والهمز، وسهّل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع وفي رواية عن نافع كفاء بكسر الكاف وفتح الفاء والمد.

.الإعراب:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} {قل} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت يا محمد وهو فيه وجهان:
1- أنه ضمير الشأن لأنه موضع تعظيم كأنه قيل الشأن هو وهو أن اللّه واحد لا ثاني له والجملة بعده خبر مفسّرة له.
2- أنه ضمير عائد على ما يفهم من السياق لأنه يروى في الأسباب التي دعت إلى نزولها أنهم قالوا صف لنا ربك وانسبه وقيل قالوا له أمن نحاس هو أم من حديد فنزلت وحينئذ يجوز أن يكون {اللّه} مبتدأ و{أحد} خبره والجملة خبر الأول ويجوز أن يكون {أحد} خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد، وعبارة الزمخشري: {هو} ضمير الشأن كقولك هو زيد منطلق كأنه قيل: الشأن هذا وهو أن اللّه واحد لا ثاني له.
فإن قلت: ما محل هو؟ قلت الرفع على الابتداء والخبر الجملة.
فإن قلت: فالجملة الواقعة خبرا لابدّ فيها من راجع إلى المبتدأ فأين الراجع قلت: حكم هذه الجملة حكم المفرد في قولك زيد غلامك في أنه هو المبتدأ في المعنى وذلك أن قوله: {اللّه أحد} هو الشأن الذي هو عبارة عنه وليس كذلك زيد أبوه منطلق فإن زيدا والجملة يدلّان على معنيين مختلفين فلابد مما يصل إليهما. و{أحد} بدل من قوله: {اللّه} أو على هو أحد أو خبر ثان.
{اللَّهُ الصَّمَدُ} مبتدأ وخبر.
{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولد وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحد} ارتبطت هذه الجمل الثلاث بالواو دون الثلاث الأولى لأن قوله: {اللّه الصمد} محقق ومقرر لما قبله وكذلك ترك العطف في قوله: {لم يلد} لأنه مؤكد للصمدية لأن الغنى عن كل شيء المحتاج إليه كل ما سواه لا يكون والدا ولا مولودا، وقد أشار صاحب الجوهر المكنون إلى مواضع الفصل بقوله:
الفصل ترك عطف جملة أتت ** من بعد أخرى عكس وصل قد ثبت

فافصل لدى التوكيد والإبدال ** لنكتة ونيّة السؤال

وعدم التشريك في حكم جرى ** أو اختلاف طلبا وخبرا

وفقد جامع ومع إيهام عطف ** سوى المقصود في الكلام

ووصل بين الثلاث المتأخرة لأنها سيقت لغرض ومعنى واحد وهو نفي المماثلة والمناسبة عنه تعالى بوجه من الوجوه، قال صاحب الجوهر المكنون:
وصل لدى التشريك في الإعراب ** وقصد رفع اللّبس في الجواب

وفي اتفاق مع الاتصال في عقل أو في وهم أو خيال.
و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{يلد} فعل مضارع مجزوم بـ: {لم}، {ولم يولد} عطف عليه، {ولم} عطف و{يكن} فعل مضارع مجزوم بـ: {لم} و{له} حال أو متعلقان بـ: {كفوا} و{كفوا} خبر {يكن} المقدم و{أحد} اسمها المؤخر.
وفيما يلي مناظرة ممتعة بين الزمخشري وأبي حيان حول تقديم له.
قال الزمخشري:
فإن قلت: الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم وقد نصّ سيبويه على ذلك في كتابه فما باله مقدما في أفصح الكلام وأعربه قلت: هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات البارئ سبحانه وتعالى وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف فكان لذلك أهم شيء وأغناه، وأحقّه بالتقديم وأحراه.
وقال أبو حيان: هذه الجملة ليست من هذا الباب وذلك أن قوله: {ولم يكن له كفوا أحد} ليس الجار والمجرور فيه تاما إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرا لكان بل هو متعلق بـ: {كفوا} وقدم عليه فالتقدير ولم يكن أحد كفوا له أي مكافئه فهو في معنى المفعول متعلق بـ: {كفوا} وتقدم على {كفوا} للاهتمام به إذ فيه ضمير البارئ سبحانه وتوسط الخبر وإن كان الأصل التأخير لأن تأخر الاسم هو فاصلة فحسن ذلك وعلى هذا الذي قررنا يبطل إعراب مكّي وغيره أن له الخبر و{كفوا} حال من {أحد} لأنه ظرف ناقص لا يصلح أن يكون خبرا ويبطل سؤال الزمخشري وجوابه وسيبويه إنما تكلم في الظرف الذي يصلح أن يكون خبرا ويصلح أن يكون غير خبر.
قال سيبويه: وتقول ما كان فيها أحد خير منك وما كان أحد مثلك فيها وليس فيها أحد خير منك إذا جعلت فيها مستقرا ولم تجعله على قولك زيد قائم أجريت الصفة على الاسم فإن جعلته على فيها زيد قائم نصبت فتقول ما كان فيها أحد خيرا منك وما كان أحد خيرا منك فيها إلا أنك إذا أردت الإلغاء فكلما أخّرت الملغى كان أحسن وإذا أردت أن يكون مستقرا فكلما قدّمته كان أحسن والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير قال تعالى: {ولم يكن له كفوا أحد} وقال الشاعر:
ما دام فيهنّ فصيل حيّا

انتهى، وما نقلناه ملخصا هو بألفاظ سيبويه فأنت ترى كلامه وتمثيله بالظرف الذي يصلح أن يكون خبرا، ومعنى قوله مستقرا أي خبرا للمبتدأ ولكان.
فإن قلت: فقد مثّل بالآية الكريمة قلت: هذا الذي أوقع مكيا والزمخشري وغيرهما فيما وقعوا فيه وإنما أراد سيبويه أن الظرف التام وهو في قوله:
ما دام فيهنّ فصيل حيّا ** أجري فضلة لا خبرا

كما أن {له} في الآية أجري فضلة فجعل الظرف القابل أن يكون خبرا كالظرف الناقص في كونه لم يستعمل خبرا ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد من قوله: ولم يكن له أحد بل لو تأخر {كفوا} وارتفع على الصفة وجعل {له} خبرا لم ينعقد منه كلام بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو كفوا و{له} متعلق به والمعنى ولم يكن له أحد مكافئه.
هذا وقد أورد ابن المنير بهذا الصدد نكتة عن سيبويه تدل على ألمعية هذا الرجل وثقوب ذهنه قال: نقل عن سيبويه أن سمع بعض الجفاة من العرب يقرأ ولم يكن أحد كفوا له وجرى هذا الجلف على عادته فجفا طبعه عن لطف المعنى الذي لأجله اقتضى تقديم الظرف مع الخبر على الاسم وذلك أن الغرض الذي سيقت له الآية نفي المكافأة والمساواة عن ذات اللّه تعالى فكان تقديم المكافأة المقصود بأن يسلب عنه أولى ثم لما قدّمت لتسلب ذكر معها الظرف ليبيّن الذات المقدسة بسلب المكافأة.